عشرة أعوام ونيف مرت منذ ذلك النهار البعيد الذي قررت أن أُسكن فيه حروفي هذا البيت. عمر من الزمان، كنت بالخامسة والعشرين فتى ما يزال بريعان الشباب وهأنذا بمنتصف الثلاثينات أخطوا نحو الكهولة خطوا حثيثا فالحمد لله على نعمة الحياه والحمد لله على نعمة الكتابه والحمد لله على كل شيئ.

ماذا حدث في هذه السنوات منذ 2010 وإلى 2020

كنت حديث العهد بالوظيفه، كمهندس نفط أجوب آفاق الغابات والسهول واللامكان فدعتني تلك الوحدة إلى رفقة القلم فلبيت الدعوة فما أجملها كانت من رحلة مع القلم والحروف ، مع الورق والأفكار، إختلط فيها الحبر بالمشاعر والشعر بدقات الكيبورد. ومنذ ذلك الزمان تابعتني المدونه في رحلتي من نهارات الخرطوم الساخنه إلى صقيع ألبرتا البارده حيث تحصلت على ماجستيري الأول في الهندسه من جامعة ألبرتا ثم حدث الهبوط الحاد في أسعار النفط فاضطررت أن اجرب اعمالا ما ظننت أنني سأجربها عاملا حينا ورجل أمنٍ حينا ، سائق أوبر حينا ورجل مبيعات في حين آخر. كانت تلك الفترة من أصعب فترات حياتي، لا لصعوبة العمل فقد كانت معظم هذه الاعمال يسيرة بالنسبة لي، ولا لإستكبار في نفسي فكل عمل حلال هو كريم ما دام يأكل فيه المرء من عرق جبينه، ولكن لأن هذه الأعمال كانت في معظمها مملة على الروح لا تحرك خاطرا ولا تستثير فكرا فكأنها كاتت تقتل في نفسي الحياة ببطأ. مرت علي تلك السنين ببطأ ثم يشاء المولى أن يفتح علي فأعمل مرة أخرى في مجال تخصصي لكني وقد عرفت خطورة العمل في مجال البترول من حيث أنه غير مستقر ودوما متعرض لذبذبات السوق العنيفه، فتوكلت على الله و قررت أن أتخصص تخصصا جديدا.

علوم البيانات والذكاء الإصطناعي كانت هي الوجهة الجديده، وقادتني الأقدار إلى المحيط الهادي وإلى فانكوفر الجميلة لاحصل على الماجستير الثاني، لكن هذه المره من جامعة برتش كولومبيا التي تعد واحدة من أفضل خمسين جامعة في العالم. كان التحدي كبيرا والكورسات ليست بالأمر السهل. لكن بحمد الله وتوفيقه كُللت مساعي بالنجاح وهأنذا سأبدأ في ظرف بضعة أيام عملي كمهندس للذكاء الإصطناعي في أحدى أكبر الشركات في هذا المجال.

ثم ماذا؟ الكثير من الليالي الطويله، والكثير من أكواب القهوة والشاي وغيرهما من المنبهات، القلق والتوتر والتساؤلات الوجوديه، كيلوجرامات عديدة افقدها ثم أعود أكتسبها، كيلومترات كثيرة قطعتها ماشيا، فالمشي قد أصبح الهواية التي أعشق، امشي لساعات مستمعا للكتب الصوتية، هذا أيضا مما تغير خلال السنوات الماضيه، فقد صار معظم إطلاعي على الكتب سماعيا، ليس فقط لأنني أستمتع بسماع الكتب خاصة بأصوات مؤلفيها ولكن أيضا لأن ذلك يتيح عمل أشياء أخرى في ذات الوقت.

هذا هو ما حدث بإختصار مخل، رأيت أن زوار هذه المدونه من حقهم أن يعرفوا ولو تاريخا مختصرا لصاحبها في ذكرى مرور عقد من الزمان منذ ولادتها. أعرف أن هذا العام كان من أصعب الأعوام التي مرت على البشريه بسبب الوباء الذي حل علينا فطوق علينا حصارا وضرب بيننا جدران عازله، لكنني متفائل تماما بما يخبئه العام الجديد وأن البشرية ستنتصر لاريب بإذن المولى القدير. أتمنى أن تكونوا جميعا ومن تحبون بكل خير وأن يهب الله أرواحا أضواءا تنير لها معالم الطريق